موت الأوراق

ودعنا في الشهور الأخيرة، أحد أعمدة الفكر العربي محمد الجابري، الذي تخلى عن نفاق السياسة، ليتفرغ لدراسة العقل العربي الأليم، فألف العديد من الكتب التي أصبحت مرجعا لكل طالب علم، رغم كتابته المعقدة، التي تتسم بالطابع الفلسفي، ومن بين الكتب التي ألفها [حفريات في الذاكر]، و[فلسفة العلوم]، التي أتحف بها المكتبة المغربية والعربية جمعاء، وقد توفي عن سن يناهز 75 سنة، توفي والعقل العربي لازال يعاني من الاضطرابات السياسية والخلقية التي جلس الكاتب لإعادة ولادتها من جديد.

أما الرجل الثاني الذي ودعنا، وهو الكاتب المصري فؤاد زكرياء، هو الآخر قد ترك العديد من الكتب ويكفي أن نذكر من بينها، [العقل العربي والصحوة الإسلامية في الميزان والتفكير السليم]، ولقد تعرض الكاتب لعدة إنتقادات قوية وصلت إلى حد إتهامه بالكفر.

ولم تنتهي حملة الموت حتى أخدت، الكاتب الجزائري طاهر وطار، وقد ترك إرثا أدبيا كبيرا، ومن بينها، [الشهداء يعودون هذا الأسبوع]، و [الزلزال]، وكذلك رواية [اللاز]، التي صدرت عام 1974 وحققت نجاحاً كبيراً، وقد توفي عن سن يناهز 74 سنة.

فشكرا للموت الذي أماتهم، فلولاه ما عرفناهم، وصدق الكاتب المصري السيد قطب حين قال: تنبث الأفكار، عندما يحشر صاحبها تحت التراب.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل من مثيل، لهؤلاء العظماء، الذين ماتوا على هدى من البينة؟ وصاروا لهم ذكرتان، ذكرة عند الوفاة، وذكرة عند الأربعين، ومادون ذلك فهم كما قال تولستوي في لحظاته الأخيرة: ها أنا أموت كما يموت أي فلاح روسي. كلمات هنا، وجسد في التراب، وروح عند خالقها، و هذه حياة العظماء يعيشون أغنياء ويموتون فقراء.

فلا تحزنوا ولا تقلقوا إذ جاءكم الأجل، فخير عظام كساها التراب، لأنكم سقطتم، في حب الكلمات، كما تسقط الأوراق من الأشجار في فصل الخريف، فطوبى للأوراق.

نبذة عن:

محمد حادين

اسمي حادين محمد من موليد مدينة فاس سنة1992 تلميذ بالثانوية التأهيلة.
هوايتي المطالعة وكتابة الخواطر والمراسلة...

رابط المدونة: الروح والسلام

عدد المقالات المنشورة: 14.

تابع جديد محمد حادين: الخلاصات

التعليقات: 3

  • بقلم كميت بتاريخ 29 أغسطس, 2010, 20:58

    رائع أخي حادين
    مقالتك رائعة وهي تدل على أنها جاءت من فكر مبدع
    شكرا” جزيلا” لك
    وطبعا” سيبقى يأتي ناس عظماء كالطاهر وطار

  • جمال اشطيبة
    بقلم جمال اشطيبة بتاريخ 30 أغسطس, 2010, 18:16

    صدقت أخي محمد جزى الله الموت عنا خيرا لأنه يعرفنا بالعظماء
    ولولا الموت لبقينا في عالم التافهين تائهين
    الحياة نوم والمنية يقظة، وستبقى مقولة سيد قطب خالدة
    إن كلماتنا تظل عرائس من شمع، حتى إذا متنا في سبيلها كتبت لها الحياة

  • بقلم تسنيم الأحمدي بتاريخ 4 يناير, 2011, 1:14

    الكثير من المفكرين لم نعرفهم سوى بعد رحليهم او لم يحتفل بهم سوى بعد موتهم كمصطفى محمود والمسيري والجابري وغيرهم الكثير ..
    ولكن نسأل الله ان ينبت بيننا ومنا من يحملون ارثهم ويواصلون المسير ..

هل لديك تعليق؟

  • هل تريد صورة مصغرة بجانب تعليقك؟ يمكنك ذلك من خلال التسجيل في خدمة Gravatar. كما يمكنك الاستئناس بهذا الشرح.
  • يرجى التعليق باللغة العربية الفصحى، وباسم مكتوب بأحرف عربية.
© 2024 مجلة القراء.
هذا الموقع يستعمل وورد بريس المعرب، تصميم وتركيب دنيا الأمل.