- 2010/05/30
- خاطرة
- الزيارات: 3٬000
- تعليق واحد
إليك جدتي…
في فصل الصيف، و ككل صباح، تمتلئ شوارع أحفير بالباعة و المارة و السيارات من كل الأنواع و الأصناف، حاملة ورائها رمز البلد الذي أتت منه، فيخيل إلى الناظر أنها صف نمل يبحث عما يدخره لفصل الشتاء.
وفي زقاق مطل على الطريق الرئيسية المؤدية إلى السعيدية ؛تتلاصق بناياته و كأنها تحيي المتجهين إلى البحر، يقف من بينها بيت قديم البناء، يحكي عن التغيرات التي طرأت على هذه المدينة الحدودية العتيقة. المنزل متوسط الحجم، زينت جدرانه بالزليج المغربي الأصيل، به غرف تنم على براعة مصممه، مؤثثة بأثاث نظيف، و في وسط الدار؛ تجد الفناء و قد تسللت إليه أشعة الشمس لتلقي التحية على المزهريات اللاتي تضم شتى أنواع النباتات، فتجعل من الفناء حديقة غناء، وهاهو موصول بسلم يتجه بك نحو الطابق العلوي للمنزل.
استيقظت الحاجة على صوت المؤذن الذي ينبعث من الجامع الكبير، هي أم لتسعة أبناء، وجدة لأحفاد عديدين كلهم يوقرونها ويحبونها و يطلبون رضاها.
قصيرة القامة، ممتلئة البنية، باسمة المحيا ،في وجهها تعابير تنم على المعرفة و الحكمة و الوقار، مرتدية زيها الأصيل البلوزة.
خرجت و قد وضعت جلبابها التقليدي، بهيأتها التي دفعت الناس لاحترامها ،يردون عليها تحية الإسلام التي لاتفارق لسانها، ترددها بشيء من اللكنة الجزائرية المحببة لا يسمعون منها الا تلك الأقوال الشعبية و الأمثال الحكيمة. تمشي بخطى سريعة التي لربما أتعبتها في أحيان عديدة لتأدية فريضة الصلاة، و لاتنسى المرور بدكان الفقيه، حيث تجد أبناء الحي مصطفين ينتظرون ما قد تملأ به جيوبهم من أصناف الحلوى اليوم، فقد كانت بمثابة أم ثانية لهم، يحبونها و ينعتونها بعمتي الحاجة، فقد كانت هده الكلمة تمدها بالقوة عند سماعها من أفواه هده الزهور البريئة.
هذه هي المرأة المغربية الشرقية الأصيلة التي حافظت على تقاليدها بمزجها مع شيء من الحنو و التعاطف اللذين استعملتهما من اجل تربية جيل صالح.
هذه هي جدتي… أطال الله في عمرها..
تعليق واحد
هل لديك تعليق؟
- هل تريد صورة مصغرة بجانب تعليقك؟ يمكنك ذلك من خلال التسجيل في خدمة Gravatar. كما يمكنك الاستئناس بهذا الشرح.
- يرجى التعليق باللغة العربية الفصحى، وباسم مكتوب بأحرف عربية.
سلم بوحك اختي كوثر
فلتحيا جدتي وجدتك وجدات كل العالم بعمر طويل و مديد لانهم بالفعل كنز لا يفنى
شكرا