حتى هي.. يمكن أن تعشق

pomme

تتسمر دائما دون حراك، كلما دخل الفصل، وتنتظر التفاتة منه أو دغدغة بين الفينة والأخرى، كانت تغار إذا أكثر الحديث مع إحدى طالباته رغم أنها تسمع وترى كل ما يجري ولا شيء في حديثهما يدعو للغيرة. لكنها كانت تلاحظ مسارعة الحاضرات، كلما التفت إليها وانشغل بها عنهن، إلى إخراج ما حوت محفظاتهن من مرايا وأحمر شفاه فتخاف أن تسرقه منها إحداهن.

هي الآن في قمة السعادة، فقد طالت مدة مغازلته لها، غير مهتم بالأخريات، لكن الأخيرات لم يرق لهن الأمر. ولأنهن يعلمن أنها أكثر شيء يغيظه، وأنها الشيء الوحيد الذي قد يصرفه عنها ويعيده لهن، حتى وإن عاد موبخا، تعالت ضحكاتهن المغرية لتعم أرجاء الفصل. لكن يبدو أن جرعة الاستفزاز كانت كبيرة هذه المرة..

لم يجد غيرها أمامه، فصفعها براحته التي بقيت منقوشة على بشرتها السمراء، قبل أن يرفع عينيه المملوءتين بالغضب. هو يعلم أنها بريئة، لكنها كبش الفداء الوحيد.. صمتت الطالبات وتسمرن وكأن على رؤوسهن الطير، لكن المسكينة لم تقو على تحمل الصفعة وكذلك الصدمة. تهاوت على الأرض مثلما تهاوى حلمها.

نادى حارس المدرسة، ليخرجها من الفصل دون أدنى اهتمام بها. وهاهي ذي تسترجع شريط الذكريات بسرعة قبل أن يختفي عن أنظارها.. تتذكر أول يوم دخل فيه إلى الفصل، والجميع يتحدثن عن وسامته ولطفه ولباقته.. تتذكر اهتمامه الكبير بها، ولحظات الخلوة التي قضياها معا في فترات الاستراحة.. ثم تتذكر الصفعة التي تنسيها حلاوة الماضي.
كانت تعلم أنه أيضا يحبها، بل يعشقها، لكنه لم يكن ليتزوجها، فهو أستاذ.. وهي سبورة.

(مصدر الصورة)

نبذة عن:

خالد زريولي

خالد زريولي، فاعل تربوي، مهتم بمجال تربية الطفولة وتكوين الشباب

عدد المقالات المنشورة: 11.

تابع جديد خالد زريولي: الخلاصات

التعليقات: 9

  • بقلم اسماء اخزان بتاريخ 21 أكتوبر, 2009, 19:21

    قصة جميلة جدا، تجعلنا نسرع في القراءة لنصل للسر الذي تخفيه النهاية
    قصة حب من نوع خاص، لكن المحزن في الأمر أن المدرس ستغنيه عن حبيبته (السبورة القديمة) حبيبة جديدة^ـ^
    موفق أخي خالد ومتمنياتي لك بالمزيد من التألق
    تحياتي

  • خالد زريولي
    بقلم خالد زريولي بتاريخ 22 أكتوبر, 2009, 10:13

    أهلا أختي الكريمة أسماء أخزان
    أكيد أن غيرها ستأتي مكانها، لكن أضمن لك أنه لم ينس أبدا حبيبته الأولى ^_^ فالذكريات بينهما أجمل من أن تنسى.

    تقبلي تحيتي.
    ولك مني التحية

  • عبير أكوام
    بقلم عبير اكوام بتاريخ 22 أكتوبر, 2009, 12:23

    تستمر دائما دون حراك ،
    بداية رائعه تطرح التساؤلات في نفس القارئ،
    راقني هذا النسج لطالما هذا المشهد رأيناه ألف مرة ولم نستطع ذكر شئ عن تلك العلاقة
    سبورة والأستاذ،
    موفق أخي خالد،كن بصحة

  • خالد زريولي
    بقلم خالد زريولي بتاريخ 22 أكتوبر, 2009, 16:41

    أهلا بك أختي عبير

    كثير هم المدرسون الذين لم يعيشوا قصة الحب تلك، لأنهم لا يحبون عملهم أصلا، وكل ما يذكرهم به هو عدو أيضا. ناهيك عن لونها الأسمر الجميل الذي يراه البعض أسود يدعو إلى التشاؤم ^_^
    شكرا على الكلمة الطيبة.
    ولك مني التحية

  • بقلم نورة زورداز بتاريخ 7 أبريل, 2010, 14:24

    سلمت اناملك اخي

  • بقلم كوثر بلجرو بتاريخ 30 مايو, 2010, 10:27

    انها قصة مشوقة فعلا ،ترينا علاقة حب من نوع خاص .
    وفقك الله

  • خالد زريولي
    بقلم خالد زريولي بتاريخ 31 مايو, 2010, 21:53

    الأختين نورة وكوثر
    عطرتما الصفحة بمروركما

    صدقت أختي كوثر، هي علاقة حب قل نظيرها. لكن للأسف، وعلى غرار معظم قصص الحب، لم تنته بالزواج ^_^

  • بقلم حنان زاكي بتاريخ 14 مايو, 2011, 16:54

    اشكرك اخ زريولي على هده القصة الرائعة اعجبتني وحين بداية قراءتها كنت اضن ان النهاية ستتوج بزواج لكني فوجئت بالنهاية

  • بقلم سارة بتاريخ 11 يونيو, 2012, 13:07

    سلمت يداك قصة أتارت الفضول في أعماقنا

هل لديك تعليق؟

  • هل تريد صورة مصغرة بجانب تعليقك؟ يمكنك ذلك من خلال التسجيل في خدمة Gravatar. كما يمكنك الاستئناس بهذا الشرح.
  • يرجى التعليق باللغة العربية الفصحى، وباسم مكتوب بأحرف عربية.
© 2024 مجلة القراء.
هذا الموقع يستعمل وورد بريس المعرب، تصميم وتركيب دنيا الأمل.