بِلا قيُود

father_and_daughter

تصفعني كل يوم تلك الرياح المعاكسة

ويقتلني ذاك الوجع المرير الذي لا أعرف مصدره،

تُصادرني الأيام وأصادرها،

كأنني في معركة،

تُرى من سيفوز؟

كم أحسُّ بالوحدة ،

في ذاك الدرب الذي أراه طويلا وقصيرا في آن واحد،

كم أتمنى تلك الرؤية

وكم أتمنى تلك المصافحة

وكم أحلم برفقتك مدى الحياة،

كم أحتاج إلى دعمك

وكم أشتاق لهمس صوتك الحنون،

أضرب موعدا كل يوم،

مع وسادتي،

أذرف عليها دموعاً حارَّة،

ما زالت تتساءل عن المصير،

أشعر بالنهاية

وكم اقتربت فاتورة دفع الحساب،

ذاك الألم يعود من جديد،

كأنه يذكرني بمصيري الموعود،

كأنني قطعة ثلج،

أذوب كل يوم في أحضان الألم

وكم اقترب موعد انقطاع الأثر،

أظنني في حالة سكر،

أو ربما في حالة احتضار،

كل ما أعرفه هو أنني أحبك بشدة

وأحتاج إليك بشدة

وأمضي في يومي الطويل،

مع الروتين العجوز

وبداخلي ألم،

رغم الابتسامة الصفراء

والثياب البيضاء

والورود الحمراء،

لا شيء يغنيني عن وجودك،

كم أحتاج إليك يا أبي،

كم أشتاق إليك،

كم أشعر بالغلبة،

كم أشعر بالوحدة،

كم أشعر بالغُربة،

كم أشتاق إلى قبلتك على الجبين

ودعوتك في كل حين،

كم أشتاق إلى شدتك

وكم أشتاق إلى رفقتك،

قتلتني الوحدة،

قتلني السير بمفردي،

كل يوم أضيع وسط الدروب

وأتيه بلا حدود

ولكني ألحق الركب متأخرة دوماً

ووحيدة دوماً،

تائهة أنا يا أبي،

متألمة، وضائعة،

كأني في غير المكان

وفي غير الزمان،

متعبة أنا يا أخي،

متعبة بشدَّة

وتائهة بقوة

وحزينة بلا قيود،

ليتك معي،

ترافقني في الليل المعتم

وتُساندني في الصباح المُبكر،

أشعر بالغباء

وكأنني أسمعُ النداء

وألتفت بشوق،

أبحث بلا جدوى،

بمفردي دوما،

يكسوني الانكسار

وتؤنس وحدتي آلامي

وذكرياتي الساذجة،

أتمنى معجزة،

يحدث فيها تحول،

لحياتي الكئيبة،

لحياتي الساكنة

بالمسكنات،

والمهدئات،

أريدك يا أبي أن تعود،

لتخفف عني حرقة أخي البعيد

وقلبي الكئيب

وتزيل عني اللهيب،

يا أبي،

ما زال قلبي مغلقاً،

لا يريد سواه،

لا يريد السير بلاه،

ما زال قلبي مثقلا به،

ما زال قلبي معه،

ما زال قلبي له،

أ تُراني مازلت أبكي على الأطلال؟

أ تُراني أحلم كالأبطال؟

أ تُراني أبحث عن المستحيل؟

لا أعلم

وما عدتُ أريد شيء،

أُشبع ذاك الوقت الفارغ جيداً،

كي لا يجوع

ويعيد الذكريات

ويعيد الوقوف على تلك الأطلال،

أملأ فراغات حياتي،

بتلك القُصاصات الصغيرة للأطفال،

أتأملها

وأتذكر أني كنت يوماً طفلة تتمنى قصاصة مثلها،

أسير بمفردي في الظلمة،

في البرد الشديد،

حين عودتي

وحين نزولي من تلك الحافلة القديمة،

يسقط المطر

وتفوح من الأرض رائحة التراب،

كم تخنقني

وكم تكتم على أنفاسي،

ياه

كم هي صعبة دورة الحياة،

ولكني أواصل الكتابة،

بلا قيود،

مع الأوراق البيضاء

وأتأمل السماء الزرقاء،

لطالما عهدتها كما هي

وأستمر،

مع البوح،

بلا قيود،

بلا قيود…

بقلمي وقلبي/ عبير أكوام (‏21‏/11‏/2009)

(مصدر الصورة)

نبذة عن:

عبير أكوام

عبير أكوام، من مواليد المملكة العربية السعودية - المدينة المنورة، من المغرب. باحثة مهتمة بعلم النفس وثقافة الحوار.

رابط المدونة: أكوام العبير

عدد المقالات المنشورة: 12.

تابع جديد عبير أكوام: الخلاصات

التعليقات: 2

  • بقلم فاطمة بتاريخ 22 نوفمبر, 2009, 21:53

    عبير أيتها المبدعة
    لحروفك هنا معنى ولكلماتك مغزى
    إنه الحنين والشوق للأب الرفيق و الأخ الشقيق و الحبيب البعيد
    إنه بوح المشاعر وصدق الأحاسيس
    وكتمانها هو ذلك القيد الصدئ الذي يجعل كل واحد منا يدفنها في أعماق صدره
    لا داعي لأن أطيل
    جميل ما باح به قلمك الندي
    و الأروع صدق الإحساس و المشاعر التي تتخلل سطورها
    مني لك أجمل وارقى تحية
    أختك فاتيما

  • بقلم نورة زورداز بتاريخ 24 ديسمبر, 2009, 9:44

    احساس رائع يا اختي .وكلمات تجسد الالم الذي تمرين به فجميل ان تكون ابداعاتنا من وحي الحقيقة حييث تجعلنا نتذوق طعمها مع المبدعين مثلكي أعانكي اللة.
    اكي مني التحية

هل لديك تعليق؟

  • هل تريد صورة مصغرة بجانب تعليقك؟ يمكنك ذلك من خلال التسجيل في خدمة Gravatar. كما يمكنك الاستئناس بهذا الشرح.
  • يرجى التعليق باللغة العربية الفصحى، وباسم مكتوب بأحرف عربية.
© 2024 مجلة القراء.
هذا الموقع يستعمل وورد بريس المعرب، تصميم وتركيب دنيا الأمل.